Page 121 - web
P. 121

‫‪ISSUE No. 448‬‬

                    ‫يمكن من خلاله إظهار الحقيقة في واقعة جنائية حدثت‪،‬‬          ‫ومن هذه التعاريف تتبين وظيفة المحقق الجنائي في‬
                    ‫ويحتاج المجتمع إلى معرفة فاعلها لإيقاع الجزاء الجنائي‬                               ‫تحقيق الوظائف والأغراض الآتية‪:‬‬

                        ‫المقرر قانونًًا عليه‪ ،‬من أجل طمأنينة المجتمع وأمنه‪.‬‬    ‫	 التوصل إلى كشف غموض الواقعة وبيان حقيقتها‬
                    ‫والتحقيق الجنائي جنس من الخطابات التواصلية التداولية‬                     ‫والتوصل إلى مرتكبها وإسناد الاتهام إليه‪.‬‬
                    ‫فهو فعل إنجازي‪ ،‬تنطبق عليه قواعد تحليل الخطاب التي‬
                    ‫يشير إليها جورج مونان في قوله‪« :‬كل تقنية تسعى إلى‬          ‫	 إثبات وقوع الجريمة‪ ،‬وكيفية وقوعها‪ ،‬وسبب ارتكابها‬
                    ‫التأسيس العام والشكلي للروابط الموجودة بين الوحدات‬                                                ‫ومعرفة الجاني‪.‬‬
                    ‫اللغوية للخطاب المنطوق أو المكتوب‪ ،‬في مستوى أعلى‬
                                                                               ‫ويستهدف التحقيق الجنائي جميع القضايا‪ ،‬وخاصة تلك‬
                                                        ‫من مستوى الجملة»‪.‬‬      ‫التي تؤثر في الرأي العام وفي أمن المجتمع واستقراره‪،‬‬
                                                                               ‫وهي قضايا يشوبها عادة نوع من الغموض والتعقيد في‬
                                             ‫المستوى الأول المستوى اللغوي‬      ‫طريقة ارتكابها ودوافعها‪ ،‬ويتطلب التعامل معها تكثيف‬
                                                                               ‫إجراءات التحري وجمع الاستدلالات وتسخير كل الإمكانات‬
                    ‫أي البنية اللغوية التي تتجاوز الجملة‪ ،‬فتحليل الخطاب هو‬     ‫للكشف عن ملابساتها ومرتكبيها‪ ،‬ومنها على سبيل المثال‬
                    ‫فرع تابع للسانيات «يهدف إلى تفسير جملة من الظواهر‬          ‫لا الحصر جرائم الاتجار بالمخدرات‪ ،‬جرائم القتل وجرائم‬
                    ‫اللغوية كالإحالة القلبية والروابط والحذف‪ ،‬مستعينا في‬
                    ‫ذلك بوحدة أكبر من الجملة هي الخطاب‪ ،‬وبعدد من‬                                                       ‫الابتزاز الإلكترونية‪.‬‬
                    ‫المفاهيم تساعد على تعريف هذه الوحدة الكبرى مثل‬             ‫ويتضمن التحقيق الجنائي إجراءات كثيرة ومعقدة‪ ،‬ويتطلب‬
                                                                               ‫أن يتم بالصورة الصحيحة قانو ًًنا حتى يحقق كامل أهدافه‬
                                                         ‫الاتساق والانسجام»‪.‬‬   ‫المبتغاة منه‪ ،‬وينفذ بمهارة وخبرة وكفاءة ومهنية عالية‪،‬‬
                                                                               ‫وأن يلتزم بمبدأ الشرعية بأسلوب علمي بما يتوافق مع مبدأ‬
                                          ‫المستوى الثاني‪ :‬المستوى التواصلي‬     ‫سيادة القانون والمحافظة على حقوق الأفراد وحرياتهم‪.‬‬
                                                                               ‫إذن نستطيع القول‪ :‬إن التحقيق الجنائي هو علم وفن‬
                    ‫ينطلق هذا المستوى من تحديد اللغة بوصفها وسيلًًة‬            ‫في آن واحد‪ ،‬فهو علم؛ لأنه يتضمن تطبيق مواد قانون‬
                    ‫للتواصل الإنساني‪ ،‬عن طريق سََّتة عناصر هي‪( :‬الُُمرسل‪،‬‬      ‫الجزاء والإجراءات الجزائية‪ ،‬وهو فن؛ لأنه يعتمد على‬
                    ‫والمرسل إليه‪ ،‬والمرجع‪ :‬وهو المحتوى الذي تشير إليه‪،‬‬         ‫قدرات المحقق الذاتية في الوصول إلى الحقيقة أثناء إجراء‬
                    ‫والقناة‪ :‬وهي ما يسمح بنقل الرسالة من المرسل إلى‬
                    ‫الُُمرسل إليه‪ ،‬والسنن‪ :‬وهو مجموع العلامة التي تتشّّكل‬                                     ‫التحقيق مع المشتبه بهم‪.‬‬
                    ‫منها الرسالة‪ ،‬ونظام تأليفها‪ ،‬شرط أن تكون مفهومة لدى‬        ‫ومن التعريفات السابقة نصل إلى أن التحقيق الجنائي‪ :‬هو‬
                                                                               ‫أحد أهم الوسائل التي ُُتعنى بتحقق العدالة الجنائية‪ ،‬إذ‬
                                                     ‫طرفي الرسالة‪ ،‬والرسالة)‪.‬‬

               ‫‪121‬‬
   116   117   118   119   120   121   122   123   124   125   126